اعداد: د. سحر القواسمة
المديرة العامة
مؤسسة أدوار للتغيير الاجتماعي
التاريخ:27\3\2020
لقد استوقفتني تلك المشاهد التي أراها كل يوم في وطني فلسطين حول تفشي فيروس كورونا حيث انني شاهدت عن كثب ما يدور على شاشات التلفاز، كما انني تعاملت عن قرب مع الأجهزة الأمنية وجميع مؤسسات الحكومة.
ولا أخفى على أحد بأنني أُعجبت بأداء الحكومة ودورها الرائع والمميز في محاربة فيروس كورونا, ودور الأجهزة الأمنية والشرطة في حرصهم على سلامة وامن المواطنات والمواطنين الفلسطينيين\ات، كما انني سعدت كثيرا بدور التلفزيون الوطني الفلسطيني وعرضه في كل الأوقات اخر المستجدات والتطورات حول هذا الفيروس المستجد.
بالإضافة الى التنظيم الجيد والفعال في الاعلام من حيث التوقيت وأيضا الاستعانة بالخبيرات والخبراء ومجموعة البرامج، التي تم عرضها على تلك الشاشة من اجل توعية مجتمعنا الفلسطيني حول تجنب الاصابة بهذا الفيروس.
كما اعجبني أيضا هذا التنسيق الفعال والبناء بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والجمعيات بالإضافة الى الاعمال التطوعية الشبابية التي هبت جميعها من اجل العمل على الحد من انتشار هذه الجائحة التي ألمت بنا.
وهنا ارغب في ان أشارك الجميع بتجربتي الذاتية التي دفعتني لكتابة هذا المقال، حين كنت اتابع عملي المكتبي والميداني ولو بالقليل في هذه الأيام العصيبة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني، حين عبوري على احدى الحواجز الفلسطينية في بيت لحم، حيث قام مجموعة من الامن الوطني بسؤالي عن سبب تحركي ومشاهدة مدى التزامي بإجراءات الوقاية من اجل سلامتي وسلامة غيري.
وبعد ان عبرت عن الحاجز استرجعت هذه المشاهد في مخيلتي وقلت في نفسي كم تمنيت ان أرى هذه الإجراءات وهذا الحرص عندما تم الهجوم على القيادات النسوية والمؤسسات النسوية عموما، بان تحمينا من ذلك العنف المجتمعي والخطابي والتحريضي ضدنا عندما تمت حملة التحريض ضد اتفاقية مناهضة كافة اشكال التمييز ضد المرأة سيداو في أواخر عام 2019.
وهنا توقفت… وتحدثت مع نفسي حيث راودتني جملة من الأفكار، بأن كل هذه الاعمال والمواقف والأفعال نستطيع ان نقوم بها هذا إذا أردنا فقط، حتى ولو اننا تحت الاحتلال فقد أثبتنا باننا حكومةً وشعباً قادرين على العمل الجاد والحقيقي في سبيل حماية حقنا في العيش بصحة وسلام وامن.
فلم تحد من قدراتنا الإمكانيات والأموال وأثبتنا للعالم الدولي والعربي باننا مميزون وسباقون عن الدول الأخرى في العالم أجمع.كما اود ان اشير انه لا يخفى على أحد بان حس المسؤولية قد ارتفع وثقتنا بحكومتنا قد زادت وهذا لا مجال في الشك فيه، حين ان هذا الشعور لم ينتابني انا وحدي بل أيضا لامسته مع العديد من النساء خاصة والمجتمع الفلسطيني عموما.
ولأول مره في حياتي شعرت بأنني في وطن يتعاون معي كإنسانة وكمواطنة وان لي حقوق فيه وبأن حكومتي تريد وبشدة حمايتي وحريصة على سلامتي وأمني.
في نفس الوقت وكأن شيئا قال لي انتظري لا تنسي ماذا حدث معك قبل أشهر ولبقية النساء، في نهاية عام 2019 القاسية علينا كنساء، حين تم الهجوم على القيادات النسوية من قبل القوة الرجعية وتم نعتنا بأبشع العبارات والتشكيك بولائنا واخلاقنا و وطنيتنا.
لا أخفى على الجميع وهذه لأول مره اقولها على الملأ بأنني عشت مشاعر مؤلمة وحزينة وخيبة امل من الحكومة الفلسطينية ومن الناس عموما، مشاعر لم أستطيع ان اكتبها في ذلك الحين ولكن كنت قد عبرت عنها مع زميلاتي في الحركة النسوية الفلسطينية.
حيث شعرت بأنني انسانة مهانة غير محمية لا اعيش بأمان وسلام كما ان ثقتي بالحكومة الفلسطينية باتت معدومة لأنني لم أرى من قبلها أي خطاب او اجراء او فعل او سياسية تساهم في حمايتي وحماية نساء فلسطين والمؤسسات النسوية الفلسطينية الوطنية.
وقلت ان مثل تلك الحكومة لا اريدها اطلاقا ولا تمثلني كمواطنة فلسطينية، فهي لا تحميني كمواطنة وانسانة ولم تقدر مساهمتي في سبيل تمكين النساء والفتيات الفلسطينيات.
وبعد تلك الأشهر المعتمة في حياتي وحياة الحركة النسوية الفلسطينية، جاء فيروس الكورونا ليفجر الطاقات ويشجع المبادرات ويحفز إرادة الحكومة الفلسطينية لان تثبت لي ولنساء فلسطين بانها تستطيع، اجل تستطيع وبرهنت لنا حكومتنا بانها لم تمتلك الإرادة فقط بل القدرة أيضا على حماية الحق وتعزيزه في المجتمع الفلسطيني.
كما اظهرت أيضا براعتها في التخطيط والتنظيم والتنسيق وحشد الموارد والتجنيد، الامر الذي أكد لي احساسي العميق وصوتي الداخلي بان حكومتنا الفلسطينية تستطيع ان تقوم بأروع من ذلك هذا إذا ارادات ان تفعل ذلك.
وهذا دفعني بأن أتوجه الى حكومتي بسؤال وهو لطالما ما اثبت لنا كنساء بانك قادرة بان تقودي وتكوني حامية وعادلة، لماذا تخليت عنا كنساء عندما اشيع خطاب الكراهية ضدنا ونشر حفنة من انصاف الرجال بيان اغلاق المؤسسات النسوية الوطنية.
لماذا لم تصدر الحكومة الفلسطينية اية تصريحات تشير الى حقوقنا كنساء مواطنات طالما أنك قادرة على الفعل, وان قضايانا كنساء دائما وابدا تترك على الهامش وليست بمحمل اهتمام من قبل الحكومة الفلسطينية.
في النهاية ما ارغب في قولة بان الحالة الشعورية التي انتابتني كامرأة في الأشهر الماضية والان هي متناقضة ما بين الحزن والفرح والالم والأمان والخوف والثقة.
جعلتني مؤمنة بان بإمكاننا بناء المجتمع الفلسطيني قائم على العدالة الاجتماعية واحترام الحقوق المتساوية، عندما تكون تلك الحكومة التي نريد والتي تبنت نفس الخطط والخطابات التي طبقتها في محاربة فيروس كورونا، في تطبيق القوانين الحامية لحقوق النساء مثل قانون حماية الاسرة الفلسطينية والاحوال الشخصية ولو ان فعلت ذلك الحكومة لوصلنا الى المجتمع الذي نريد وهو مجتمع فلسطيني قائم على العدالة واحترام التعددية وسيادة سلطة القانون.
Leave a Reply
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.