ضياء عبد الله عبود الجابر
تدريسي / كلية القانون / جامعة كربلاء
جاء قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية بنظام جديد لم تعرفه الدساتير السابقة(1)، ولا قوانين الانتخاب(2)، بخصوص كيفية شغل مقاعد الجمعية الوطنية، هذا النظام يعرف بمصطلح (نظام الحصص النسائية) أو(الكوتا النسائية)، وذلك لتقليل الهوة بين تمثيل الرجال والنساء في البرلمان(3)، والتي كانت من السعة في الأنظمة السابقة فتنبه لها المشرع الدستوري فأورد لها أحكاما خاصة في الوثيقة الدستورية وأكدها قانون الانتخابات.
مفهوم الكوتا النسائية
يقصد بها تخصيص عدد محدد من المقاعد في الهيئات التشريعية للنساء. كما عرفت بأنها تخصيص مقاعد للمرأة في المجالس النيابية(4) وتطبيق هذا النظام يتطلب إلزام الأحزاب السياسية بتخصيص مقاعد لوجود النساء في مستوياتها التنظيمية كافة. فهناك عدد محدد من المقاعد في مجلس النواب يتم شغلهن من قبل النساء، بحيث لا يجوز أن يقل عدد هذه المقاعد عن النسبة المقررة قانوناً، أي هناك حصة نسائية محددة لابد من شغلها من قبل النساء، ومفهوم الكوتا ليس عربي الأصل فلم نعثر له على معنى في معاجم اللغة العربية، ولكن بالرجوع إلى مصطلح الحصة وجدناها تعني: النصيب(5) وهذا المصطلح تراه مرادفاً لمفهوم الكوتا فمعناهما واحد.
ومفهوم الكوتا في اللغة الانكليزيةquota تعني نصيب أو حصة نسبية(6) كذلك الحال في اللغة الفرنسية مصطلح qute porth ،quote(adj)،quota an(n) يعني نصيب أو حصة نسبية، قسمة، مقدار quotite (n) (7).
ويرجع الأصل التاريخي لنظام الكوتا إلى مصطلح الإجراء الايجابيAffirmative action حيث أطلق لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية على سياسة تعويض الجماعات المحرومة أما من قبل السلطات الحكومية أو من قبل أصحاب العمل في القطاع الخاص، وقد كان في الأصل ناجماً عن حركة الحقوق المدنية ويتصل بالأقلية السوداء وقد أطلقه لأول مرة الرئيس(كيندي في عام 1961) وتابعه جونسون في برنامجه الذي كان يمثل جزءاً من الحرب على الفقر في بداية عام 1965، فتم تطبيق نظام حصص نسبية ( كوتا) يلزم الجهات بتخصيص نسبة معينة من الطلاب المقبولين فيها الذين ينتمون إلى أقليات أثنية، فطالبت به جماعات أخرى مثل الحركة النسائية، كما انتشر في بلدان أخرى كانت تشعر فيها الأقليات بأنها محرومة من الحقوق.
التنظيم القانوني لنظام الكوتا
يتمثل التنظيم القانوني لنظام الكوتا في ثلاثة أنواع من النصوص:
1– النصوص الدستورية التي تضمنتها، قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، والدستور العراقي الدائم.
2- القانون العادي (التشريع العادي).
3– الأنظمة الصادرة عن المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات.
1– النصوص الدستورية:
نظم قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية بنظام الكوتا النسائية في الجمعية الوطنية وذلك في المادة(30) الفقرة (ج) والتي نصت على ما يأتي ” تنتخب الجمعية الوطنية نسبة تمثيل للنساء لأتقل عن الربع من أعضاء الجمعية الوطنية” وعلى الحكم نفسه نص الدستور الذي تمت الموافقة عليه من أغلبية الشعب العراقي في الاستفتاء الذي جرى في 15 / 10 / 2005 وذلك في المادة ( 47/ رابعا) والتي جاء فيها قانون يستهدف الانتخابات، تحقيق نسبة تمثل النساء لا تقل عن الربع من عدد أعضاء مجلس النواب.
ولكن الملخص هنا إن عدد أعضاء مجلس النواب (275) عضو فالنسبة وفقاً لهذا النص هي الربع ولا يمكن الحصول على الربع هنا ألا بتقريب الناتج الحاصل أو قسمة عدد الأعضاء على (4) أربعة فيكون العدد (69) فكان حريا بالمشرع الدستوري أن يجعل عدد النواب زوجيا (274) أو(276) عضواً، فهذه النصوص الدستورية واجبة التطبيق ولا يجوز مخالفتها من قبل المشرع العادي وإلا عد النص القانوني غير دستوري وفقاً لمبدأ سمو الدستور أو علويته، وان كان النص الدستوري قد تضمن عبارة لا تقل فقد تكون النسبة أكثر من الربع وهذا ما يفهم من الصياغة اللفظية للنص الدستوري.
2 – القانون العادي
أكد قانون الانتخاب العراقي رقم (16 لسنة 2005) والصادر عن الجمعية الوطنية في 12/ أيلول/ 2005 على نظام الحصص النسائية في مجلس النواب (الكوتا النسائية) وذلك أعمالا للنص الدستوري، حيث تضع النصوص القانونية الصادرة عن السلطة التشريعية (البرلمان) النصوص الدستورية موضع التنفيذ ولا يجوز لها مخالفتها وإلا عدت غير دستورية.
فجاءت المادة 11 منه متضمنة لهذا النظام بقولها ” يجب أن تكون المرأة واحدة على الأقل ضمن ثلاثة مرشحين في القائمة، كما يجب أن تكون ضمن أول ستة مرشحين في القائمة امرأتان على الأقل وهكذا حتى نهاية القائمة”.
وفقا للنص المتقدم لا يعد تشكيل مجلس النواب الجديد ومن قبل الجمعية الوطنية (السلطة التشريعية) دستورياً وقانونيا ما لم يتم تمثيل المرأة فيه بحد أدنى لا يقل عن الربع (25 %) دون تحديد للحد الأعلى، هذا يعني إن نسبة تمثيل المرأة في مجلس النواب قد يصل إلى الثلثين أو أكثر ولا يمكن أن تقل عن الربع على اعتبار إن نسبة الربع تمثل قيد لا يمكن مخالفته مما يعني إن نسبة تمثيل المرأة العراقية في مجلس النواب إضعاف نسبة تمثيل المرأة الأمريكية في الكونكرس الأمريكي(1).
3 – الأنظمة واللوائح:
وتقصد بها هنا الأنظمة الصادرة عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وذلك بموجب المادة 29 من قانون الانتخاب والتي أعطت المفوضية صلاحية إصدار الأنظمة اللازمة لوضع قانون الانتخاب موضع التنفيذ فأصدرت بناء على ذلك العديد من الأنظمة بلغت حوالي عشرين نظاماً ومن الأنظمة التي عالجت مسألة (الكوتا النسائية) النظام رقم (9 لسنة 2005) الخاص بتصديق المرشحين حيث نص في القسم الرابع منه ( م 4/ ف1-2) ما يأتي:
(يشترط في قوائم المرشحين ما يلي في أية قائمة (عدا الفرد المصدق عليه ككيان سياسي) يجب أن يكون اسم امرأة واحدة على الأقل ضمن أسماء أول ثلاثة مرشحين في القائمة وأسم امرأتين على الأقل ضمن أسماء أول ستة مرشحين على القائمة وهكذا إلى نهاية القائمة) .
والنظام رقم ( 17 لسنة 2005) الخاص بتوزيع المقاعد:
نص في القسم الخاص بتخصيص المقاعد للمرشحين م3 ” في حالة وفاة المرشح أو اعتبر غير مؤهل في القائمة قبل عملية توزيع المقاعد وكان المرشح سوف يمنح مقعداً في الجمعية/ المجلس يمنح مقعده للشخص التالي على القائمة سواء كان رجل أو امرأة (إذا كان المرشح رجلاً) أو المرأة التالية على القائمة (إذا كان المرشح امرأة) وهكذا دواليك فعند وفاة امرأة لا يمكن أن تحل محلها امرأة حتى وان كان المرشح الذي يليها بالمرتبة رجلا وهو ما يتناقض مع بعض النصوص في النظام نفسه(2).
موقف الفقه من نظام الكوتا النسائية
انقسم الفقه بصدد نظام الكوتا النسائية إلى اتجاهين الأول يعارض هذا النظام والثاني يؤيده ولكل فريق حججه وأسانيده التي تدعم وجهه النظر التي يتبناها.
الاتجاه المعارض/ يرى أصحاب هذا الاتجاه إن نظام الكوتا النسائية غير مقبول لأسباب عديدة منها :
1 – انه يمثل إخلالا جسيماً بمبدأ المساواة والذي اقره الدستور العراقي، وقبله قانون إدارة الدولة في مواد عديدة، فالدستور العراقي أكد هذا المبدأ في المواد (14، 16، 20) فالمادة (14) تنص (على إن العراقيين متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس…) كما أكدت المادة (16) على المساواة في تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين بقولها ” تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين، وتتكفل الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك “.
أما المادة (20) وهي المادة الأكثر تأكيداً على مبدأ المساواة بين النساء والرجال في مجال عملية الترشيح فتضمنت على إن “للمواطنين رجالاً ونساءً، حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح “.
فتخصيص هذه النسبة يخل بمبدأ المساواة في الترشيح وشغل المناصب العامة لأنه يحول دون وصول الكثير من الرجال إلى عضوية البرلمان لان الكوتا النسائية (25%) تحول دون تحقيق هذا المبدأ فالمنطق القانوني يقتضي ترك الأمر لأفراد الشعب يختارون من المرشحين من يرونه جديراً بالانتخاب دون أن تفرض عليهم الوصايا في اختيارهم لمن يرونه مناسباً(3)، وقد أيد الكثير من الفقهاء المصريين هذا الاتجاه، فقد تبنت مصر منذ عام 1979 هذا النظام (الكوتا) في مجلس الشعب المصري(4) وذلك بتخصيص عدد من المقاعد للنساء، ولكنها هجرته عام 1986 بعد الانتقادات التي وجهت إليه، وقد أكد احد الطاعنين في طعنه المقدم إلى المحكمة الدستورية العليا عيوب هذا النظام بقوله” لعلنا نسأل الحكومة عما إذا كانت ترى إن الدستور لا يمنع أيضا التمييز ضد الرجال وواضح في تقديرنا إن تخصيص مقاعد للمرأة في المجلس النيابي تعني بداهة منع الرجل من الترشيح له، أي هناك تمايز لجنس المرشح في هذه المقاعد، والدستور واضح تماماً في أن لا يكون هناك تمييز بسبب الجنس ونعتقد إن هذا كافٍ تماماً للتدليل على عدم دستورية هذا النص “(5).
ونحن نؤيد هذا الاتجاه ولكن يجب أن لا يفهم إننا نعارض مشاركة المرأة ودخولها قبة البرلمان، فالمرأة وصلت في ميادين كثيرة إلى مناصب إدارية وسياسية رفيعة كما أثبتت في العديد من الدول نجاحها في عضوية البرلمان ومناقشتها في الكثير من التشريعات الاجتماعية (6) ففي أمريكا واستراليا ودول أوربا وكندا والهند لا توجد كوتا نسائية وإنما يتم التعامل مع الجميع بشكل متساو وضمن قانون واحد.
إن وصول المرأة للبرلمان يجب أن يكون من خلال خوضها الانتخابات التنافسية في إطار المساواة مع الرجل في أحقية الترشيح، فإذا استطاعت أن تحصل على ربع أو نصف أو ثلث مقاعد البرلمان فلا اعتراض على ذلك ما دامت صناديق الاقتراع هي التي أوصلتها إلى عضوية البرلمان، وان الشعب السياسي رأى فيها القدرة على تمثيله في المجلس والتعبير عن آراءه وتطلعاته (7).
2- إذا كانت المرأة واثقة من قدرتها على مناقشة الرجل ديمقراطياً فلماذا تطالب بالكوتا أصلا فنحن لسنا ضد المرأة في المجالس التشريعية والبلدية والقرارات ولا نطالب بإلغاء دورها ومشاركتها وإنما نطالب أن تتساوى مع الرجل مع مراعاة أحكام الشريعة الإسلامية في هذا المجال(8)، وان تحصل على منصبها عبر صناديق الاقتراع الحقيقية فانا شخصيا إذا قدر لي أن انتخب مرة أخرى فسوف انتخب الأفضل سواء كان رجلاً أو امرأة.
3- إن الكوتا النسائية قد تدفع قطاعات أخرى للمطالبة بالشيء نفسه مثل قطاع الشباب أو المعلمين أو التجار مما يفقد العملية الديمقراطية جوهرها ويحولها إلى تقسيمات إدارية/ مما تعني إن هذا النظام يثير إشكاليات عديدة عند تطبيقه(9).
4- إن العمل بنظام الكوتا يؤدي إلى دخول النساء الكفؤات في العمل السياسي فإننا يجب أن لا نكرر عبارة إيصال المرأة لمواقع القرار وليس وصول المرأة، مما يعطي انطباعاً إن المرأة غير قادرة على الوصول بذاتها.
5- المرأة من جانب تطالب بتطبيق المعاهدات التي تدعو إلى المساواة مع الرجل ومنها اتفاقية (سيداو) التي تنادي بمحاربة كل أشكال التمييز فلماذا نحن هنا نرحب بهذا التمييز ونطلق عليه تمييز ايجابي(10).
الاتجاه المؤيد/ هناك من يدعو إلى تقليص الفجوة على صعيد الترشيح والتصويت بين الجنسين (ذكر أو أنثى)، وذلك عندما يكون احد نوعي الجنس أكثر مشاركة من الآخر، فالنظريات التقليدية فيما يتعلق بفجوة المشاركة بين الرجل والمرأة على صعيد الجنس في العملية الانتخابية تشير إلى إن الرجال دائماً يشاركون ويهيمنون أكثر من المرأة بالسياسة وإنهم من ثم يشاركون في يوم الانتخابات بالتصويت بمعدلات أكثر من المرأة نتيجة لذلك تبنت العديد من المجتمعات الحديثة نظام الحصص(Hearo) أو ( Quota)لأسباب عديدة منها :
1- كوسيلة للتغلب على فجوة التصويت على صعيد نوع الجنس، فهذا النظام كما يرى أنصاره يشكل أداة سريعة وفعالة للتعامل مع مشكلة التمثيل الناقص للنساء في البرلمان والحكومة (11).
2- إن نظام الكوتا النسائية يساهم في تعزيز وتفعيل دور المرأة في المجتمع بشكل عام والحياة النيابية (البرلمانية) بشكل خاص من خلال خلق وإعداد كوادر نسائية لها ميزة في مجال عمل البرلمان، لان المجتمع العراقي كان ولا يزال يعاني من قصور في جانب الكوادر النسائية ولاسيما في المجالس النيابية، خاصة إن المجالس السابقة لم تكن النساء ممثلة فيها بالشكل المطلوب.
3- يعمل على إزالة الحواجز بين الرجال والنساء، وان تطبيقه لا يؤدي إلى التميز بينهما بل يمنح المرأة جزء من حقوقها، فالمرأة تمارس الترشيح والتصويت دون التمييز مع أخيها الرجل (12).
وقد أكد تقرير البعثة الدولية للانتخابات العراقية لمجلس النواب العراقي 15/ك1/2005 تأييده لهذا النظام قائلاً “إن هذا التشريع يعد من بين التشريعات الأكثر تقدما في العالم حيث أدى إلى حصول النساء على 25% من مقاعد مجلس النواب (13).
موقف التشريعات الانتخابية من نظام الكوتا النسائية
تباين موقف التشريعات الانتخابية من نظام الكوتا النسائية بين رافض ومؤيد فالأغلبية ترفض تبني هذا النظام، وهناك عدد محدد من التشريعات تأخذ به.
التشريعات الرافضة:
ذهبت اغلب التشريعات إلى عدم الأخذ بمبدأ الكوتا وذلك لإخلاله بمبدأ دستوري مهم وهو مبدأ المساواة ومن هذه التشريعات، تونس، الجزائر، اليمن، لبنان، الكويت، السعودية، قطر، البحرين، الإمارات العربية المتحدة، عمان، موريتانيا، مصر، سوريا، أمريكا، الهند، استراليا، كندا(14).
التشريعات المؤيدة:
أخذت عدد من التشريعات بنظام الكوتا النسائية في البرلمان ومن هذه التشريعات:
1- التشريع المغربي: حيث خصص 30 مقعد من أصل 325 مقعد في البرلمان المغربي.
2- التشريع الأردني: حيث خصص 6 مقاعد وذلك بموجب تعديل قانون الانتخاب رقم 11 لسنة 2003.
3- التشريع السوداني: خصص نسبة تتراوح بين 10-35 مقعد للنساء.
4- التشريع العراقي: خصص نسبة لا تقل عن ربع عدد أعضاء مجلس النواب أي 25%من عدد الأعضاء البالغ 275 عضواً.
5- التشريع الفلسطيني: حيث نصت المادة(4) من قانون الانتخاب الفلسطيني رقم 9 لسنة 2005 على ما يأتي( تمثيل المرأة) ” يجب أن تتضمن كل قائمة من القوائم الانتخابية المرشحة للانتخابات النسبية ( القوائم) حداً أدنى لتمثيل المرأة لا يقل عن امرأة واحدة من بين كل من:
أ - الأسماء الثلاث الأولى من القائمة.
ب- الأربعة أسماء التي تلي ذلك.
ت- كل خمسة أسماء تلي ذلك.
* موقف الاتفاقيات والمؤتمرات الدولية من نظام الكوتا النسائية
هناك بعض الاتفاقيات الدولية التي تؤيد الأخذ بنظام الكوتا النسائية وان كانت تطلق علية تسمية أخرى (تدابير خاصة مؤقتة) غايتها تحقيق المساواة بين الرجل و المرأة أو التعجيل فيها. ومن هذه الاتفاقيات:
لاتفاقية الدولية لإلغاء كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة
المادة(4) والتي تنص على انه ” لا يعتبر اتخاذ الدول تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة بالمعنى الذي تأخذ به الاتفاقيات”، بينما غالبية الاتفاقيات الدولية تؤكد على ضرورة المساواة بين الرجل والمرأة وعدم التمييز بينهما لأي سبب كان فالإعلان العالمي ينص في المادة (21):
-لكل فرد الحق في إدارة شؤون بلاده العامة.
-لكل الأشخاص حق متساوٍ في تقلد الوظائف العامة في بلاده.
وفي المادة (25) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية “يتمتع كل مواطن بالحقوق والفرص التالية من دون أي وجه من وجوه التمييز المذكورة في المادة (2) ومن دون قيود منافية للعقل:
أ - أن يشارك في إدارة الشؤون العامة، أما مباشرة أو بواسطة ممثلين مختارين بحرية.
ب- أن ينتخب وينتخب في انتخابات نزيهة تجري دورياً بالاقتراع العام، على قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري، وتضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين.
جـ- أن تتاح له، على قدم المساواة مع سواه عموماً، فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده.
وفي الاتفاقية الدولية للقضاء على أشكال التمييز العنصري كافة المادة (5) ” تتعهد الدول الأطراف بمنع التمييز والقضاء عليه بأشكاله كافة، وضمان حقوق الجميع من دون أي تمييز على أساس العنصر أو اللون أو الأصل الوطني….وكذلك أشار إلى الحقوق السياسية لاسيما حق المشاركة في الانتخابات – أي التصويت والترشيح للانتخابات- بالاقتراع العام المتساوي وحق المشاركة في الحكومة، وإدارة الشؤون العامة على أي صعيد وتقلد الوظائف العامة على قدم المساواة مع أي شخص آخر….”
وفي اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
المادة(7) ” تتخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة كافة للقضاء على التمييز ضد المرأة في حياة الدولة السياسية والعامة وهي تكفل للمرأة خاصة، على قدم المساواة مع الرجل، الحق في التصويت في الانتخابات، والاستفتاءات العامة كافة والأهلية للترشيح لجميع الهيئات التي ينتخب أعضاءها بالاقتراع العام”.
وفي اتفاقية بشأن حقوق المرأة السياسية المادة (2) ” للنساء الأهلية للترشيح لجميع الهيئات التي ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام، والمنشاة بمقتضى التشريع الوطني، على قدم المساواة مع الرجال، من دون أي تمييز”.
أما المادة (3) فتنص “للنساء أهلية تقلد المناصب العامة وممارسة الوظائف العامة كافة التي نشأت بمقتضى التشريع الوطني، على قدم المساواة مع الرجال وبدون أي تمييز”.
أما الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب في مادته (13) ” لكل مواطن الحق في حرية المشاركة في حكومة بلده، سواء مباشرةً وبواسطة ممثلين مختارين بحرية وفقاً لإحكام القانون”.
أما الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، ففي المادة (23) حق المشاركة في الحكومة ” المشاركة في إدارة الشؤون العامة، سواء مباشرة أو بواسطة ممثلين مختارين بحرية” أما الإعلان الأمريكي لحقوق الإنسان وواجباته ” يحق لكل شخص يتمتع بالأهلية القانونية بان يشارك في حكومة بلده “.
وثيقة اجتماع كوبنهاغن عام 1990 حول مؤتمر البعد الإنساني (وثيقة كوبنهاغن للدول التابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية OSCE )وفي المادة(7) فقرة (2) تسمح بالتنافس على المقاعد كافة في غرفة واحدة من الهيئة التشريعية على الأقل، على أن يكون تنافساً حراً بواسطة التصويت الشعبي، بينما أشارت الفقرة (5) تحترم حق المواطنين في تقلد المناصب السياسية أو العامة، سواء منفردين أم كممثلين عن أحزاب أو منظمات سياسية، من دون أي تمييز.
الخاتمة
بعد التطرق لهذا الموضوع في بحثنا المتواضع، توصلنا إلى جملة من النتائج والتوصيات التي نرى من الضروري أن نذكرها:
1- إن نظام الكوتا النسائية يعني تحديد نسبة أو عدد محدد من مقاعد البرلمان للنساء، أي إن هذه المقاعد لابد من شغلها من قبل النساء وإلا عد تشكيل البرلمان غير دستوري.
2- إن نظام الكوتا النسائية يتعارض مع مبدأ دستوري رئيس وهو مبدأ المساواة، وتكافؤ الفرص في شغل الوظائف العامة، والمساواة في الترشيح والتصويت في الانتخابات بين الجميع بغض النظر عن الجنس أو النوع الاجتماعي، لذا نرى ضرورة إعادة النظر بهذا النظام من قبل المشرع الدستوري والذي تبناه في المادة(74/ رابعاً) وذلك من اجل رفع التناقض الذي نراه قائماً بين نص المادة المذكورة ونصوص المواد التي تؤكد على مبدأ المساواة14،16،20 .
3- بعد النص على نظام الكوتا النسائية في الدستور جاء قانون الانتخاب الحالي رقم 16 لسنة 2005 منسجماً معه فلا يمكن مخالفته وإلا عد نصاً غير دستوري وذلك طبقاً لمبدأ سمو الدستور أو علويته، لذا يعد تعديل النص الدستوري وإلغاء نظام الكوتا النسائية، نرى ضرورة إعادة النظر بالنص الخاص بنظام الكوتا في قانون الانتخاب ( المادة 11)، ويتبع ذلك تعديل أو تغيير الأنظمة الصادرة عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق.
4- إن القول إن نظام الكوتا النسائية لا يتعارض مع مبدأ المساواة، هو قول يخالف الواقع والقانون، كما انه يثير الكثير من المشاكل فاستمرار العمل به يؤدي إلى مطالبة فئات وطوائف أخرى بتطبيقه عليها.
Leave a Reply
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.