من رحم المعاناة نخلق الأمل ومن وسط الخراب وتدمير الأحلام كان لوردة حكاية نزوح

مرحبا

اسمي وردة

أبلغ من العمر ٣٦ عام، أم ل ٤ أطفال أحدهم من ذوي الإعاقة

زوجي يعاني من مرض نفسي يجعله في حالة غياب عن الوعي ويحتاج الى علاج باستمرار

أسكن في معسكر جباليا في بيت متواضع بسيط يحتضن أحلامي وأحلام أطفالي.

حيث كنا نعيش حياة هادئة مستقرة يملؤها الحب والأمان

 

وبالرغم من أن حياتي لم تكن وردية الا انني كنت سعيدة نوعا ما فقد كنت امتلك مشروعي الخاص وهو محل صغير لبيع الملابس كان هذا مصدر دخل لأسرتي وكنت أحمل مسؤولية توفير حياة كريمة لأسرتي

وفي لحظة لم نكن نتوقعها انقلب الحياة فوق رؤوسنا

فهذه الحرب جاءت كالكابوس الذي أظلم حياتي وحياة أطفالي

حيث توالت ضربات الإبادة وقتل البشر والشجر والحجر وهدم الأحلام والأمنيات وكل شيء جميل في حياتنا

فقد بدأت الحرب وبدأت تسلب منا الراحة والأمان والاطمئنان.

فقد خسرت بيتي ومصدر رزقي وخسرت الكثير من أفراد أسرتي في غارة استهدفت مربعا سكنيا في معسكر جباليا

أدت الى سقوط البيت على رؤوسنا فالبعض فارق الحياة والبعض خرج من بين الركام ليعيش حالة من الصدمة على من رحل.

فخرجت أنا وأطفالي من تحت ركام المنزل وتلبية لصرخات أطفالي وحفاظا على أرواحهم أخدت القرار الصعب، وهو النزوح من الشمال الى الجنوب تاركه خلفي أحلامي المحطمة.

ولكي أهرب من الموت انا وأطفالي، سلكنا طريق الموت وما يحمله من مشاعر الخوف والرعب والصدمة مما شاهدنا مع بكاء مستمر لا يتوقف.

فقد كانت الجثث ملقاه على الطريق وكان القصف فوقنا وأليات الاحتلال تحاصرنا ولم نتوقع النجاة وكأنها أهوال يوم القيامة.

ولكن شاء الله أن ننجو لنصل الى أحد المناطق التي كانت آمنة على اعتقادي في بداية الامر

جلسات على الرصيف لا أعلم ماذا أفعل وأطفالي وزوجي يعتمدون على في توفير لهم مكان لكي يناموا فيه

وقد كانوا يحتاجون الماء والطعام بعد طريق شاق وجو شديد الحرارة استنزف كامل طاقتنا

وحينها جلست أبكي الى ان جاء أحدهم ووفر لي بعض الأقمشة لأنصب خيمة تنام فيها أسرتي وبعد فترة أجبرنا على النزوح مرة أخرى من شرق دير البلح الي مواصي خانيونس بسبب قرارات الاخلاء المستمرة ومن نزوح الى نزوح أخر لتصل عدد مرات النزوح الى خمس مرات الى أن اننا نستقر الأن في المنطقة الإنسانية التي نأمل أنها آمنه.

وها هي خيمتي التي لا تسترنا من حر الصيف ولا برد الشتاء.

ومن بيتي الدافئ الى هذه الخيمة التي لم أستطع التأقلم بها وحتى بعد مرور العام على حرب الإبادة.

ومن هنا بدأت معاناتي اليومية في الحصول على المياه التي أسير مسافات طويلة للحصول عليها . وتوفير بعض الخبز والشاي لصنع الفطور لأطفالي بعد أن ناموا على معدة فارغة دون عشاء.

وفي ضل مرض زوجي الذي لا يستطيع أن يوفر لقمة العيش لأطفالي أقمت بسطة صغيرة لأستر بها أسرتي وتوفير أدنى احتياجاتهم

رغم أن المعيشة أصبحت غالية جدا وأسعار المنتجات في الأسواق أصبحت أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب وانا كوني سيدة لا أمتلك الكثير من المال وقد خسرت كل ما أملك في هذه الحرب ، أصبحت غير قادرة على شراء الأكل و الخبز، مما دفعني لصنع الخبز في الخيمة ومع كامل أسفي هذا أيضا مأساة أخرى حيث ان الحطب غير متوفر ولشراء الحطب أحتاج الي مبلغ كبير من المال وهذا عبء أخر لذلك أخبزه على نار أشعلها من الكرتون والبلاستيك ، مما جعل صحتى في تدهور،

قد يكون الأصعب من هذا كله غياب أدوات التنظيف وعدم توفرها في الأسواق وغلاء أسعارها إن توفرت

مما أدى الى انتشار الأمراض الجلدية المعدية وأمراض أخرى، سببها عدم توفر صابون لغسل الملابس والجسم والشعر فقد كنت أغسل ملابسنا دون استخدام الصابون

كل ما سبق من أحداث تصف مأساتي الا أنني لا أتقبل فكرة أنني أستخدم هذه الحمامات المشتركة والغير صحية والغير نظيفة وحدها مأساة كبيرة بالنسبة لي ولأطفالي

 

كل شيء في النزوح صعب وموجع ورغم ذلك لم ينتابني الشعور بالضعف ولم أفقد قوتي

فأنا تحملت مسؤولية أطفالي وحملتها فوق رأسي وعملت جاهده لتوفير ما تحتاجه أسرتي وأنا أفتخر بنفسي نصر على العيش ما تبقى من هذه الحياة بحب من خلال الاعتناء بأطفالي والترفيه عنهم وأيضا مشاركة جارات النزوح في الحديث وتتبع الأخبار لعلنا نسمع منها ما يسر ويبهج قلوبنا.

كما وأتمنى أن تتوقف حرب الإبادة ونعود لنعيش حياتنا بحب وسلام وليعم الأمن والأمان على قلبي وقلب أطفالي الأبرياء .

 

Be the first to comment

Leave a Reply