كنت ك قطرات الندى كما تقول أمي أينما اكون يكون غيث من الفرح
هذا هو اسمي
ندى
مضى من عمري 26 عاما، اسكن في مدينة الذهب الأحمر جارة البحر مدينة بيت لاهيا
بالرغم من إعاقتي التي كان سببها حادث سير في صغري حيث نتج عنه شلل نصفي في الأطراف السفلية من جسدي الا أنني قاومت لأعيش ولم اترك الإعاقة تقتل مرح الفتاة داخلي.
كنت أقضي أوقات جميلة بصحبة أهلي وأحبتي وأخص بالذكر أختي الكبيرة التي كانت رفيقتي في كل لحظات حياتي.
كنت أمتلك غرفتي الخاصة وسريري ومقتنيات أحبها ولا أستطيع العيش دونها.
إلى أن استيقظت على كابوس يسمى بالحرب حيث سرق كل شيء منى وسلب مني أبسط حقوقي وهي العيش بأمان.
فقد كانت حرب شرسة تعرضت فيها مدينتي إلى القصف العنيف والمستمر وبعد إلقاء مناشير الإخلاء أجبرنا على النزوح الي مراكز الإيواء في مخيم جباليا.
كان من الصعب أن أترك بيتي وغرفتي والمكان الذي طالما شعرت به بالسكينة والاطمئنان.
وهنا بدأت معاناتي كوني من ذوات الإعاقة فقد شعرت بالثقل على أهلي والعجز، حيث نزحنا تحت القصف وإطلاق النار المستمر من طائرات كواد كابتر.
في هذا الوقت كل انسان يتمنى أن ينجو بنفسه وأبنائه ومن لا يستطيع الهرب يقتل.
لكن أختى رفيقة دربي لم تتركني وحدي، حملتي ووضعتني على الكرسي المتحرك الخاص بي وأسرعت لتخرجني من المكان الخطر.
وبعد أن جلسنا في أحد مراكز الإيواء في مخيم جباليا اشتد القصف في المكان وتم قصف المدرسة التي نزحنا إليها ومن ثم ألقوا مناشير بالإخلاء فورا إلى مناطق جنوب وادي غزة.
في هذا الوقت شعرت بالحزن الشديد على حالتي وعلى وضع أسرتي وأصبح الخوف يسيطر على عقلي.
قررت أسرتي النزوح إلى الجنوب وبالتأكيد أنا معهم.
جلست على الكرسي المتحرك وكانت تدفعني أختي.
في البداية كان الطريق جيد نوعا ما ولكن حين وصلنا إلى نقطة التفتيش أو ما تسمى ب “الحلابات” التي توجد بها دبابات الاحتلال.
حيث كان الطريق غير صالح لسير العربات، مما أدى إلى كسر عجل الكرسي المتحرك فوقعت على الأرض.
المكان كان مزدحم وكأنها أهوال يوم القيامة، وبلحظة واحده افترقت عن أهلي، فشعرت بخوف من أنهم\ن قد يتركوني خلفهم فجلست أصرخ وأنادي عليهم بجملة لا تتركوني لا تتركوني، إلى أن جاءت أختي وحملتني على ظهرها واستمرت بالمشي.
إلى أن وصلنا إلى إحدى مراكز الإيواء في دير البلح على أمل أن نجد الأمان ولكن رفضت إدارة المركز تسجيلي وتوفير مكان ملائم لي بحجة أنه أكتمل عدد النازحين في المركز.
لكن أختي رفضت أن تخرج من المكان لأنها لا تعرف أماكن أخرى لكي تذهب إليها
ومع إصرار أختي استطعنا أن نحصل على مكان في هذا المركز.
وما حدث جعلني أعيش أوقات صعبه للغاية، فقد كنت أجلس في خيمتي وحدي امارس حياتي اليومية بعيدا عن نظرات الشفقة التي كنت أوجهها من خلال وجودي بين الناس وبعضهم كان يردد كلمات سامة كانت تقتلني ومن هذه الكلمات “ايش بدنا في المعاقات هان ”
ولكن وجود أهلي بجانبي يجعلني قوية أتجاوز كل ما أسمعه.
وأنا الآن أعيش تفاصيل يومي بكل حزن وحرمان وذلك لأنني فقدت أهم احتياجاتي كشابة من ذوات الإعاقة.
بسبب اغلاق المعابر من الاحتلال، أصبح لا يوجد بضاعة في السوق، والبضاعة المتواجدة في غزة أصبح سعرها مرتفعا مما أدى إلى عدم قدرتي على شراء البامبرز ونفذت أكياس البراز التي كنت أستخدمها مما دفعني لاستخدام أكياس بلاستيكية التي لا تكد تنفعني بشيء وهي أيضا أسعارها مرتفعة.
عدا أنها قد تجعل ملابسي تغرق بالفضلات التي تخرج بشكل لا إرادي مني، هذا جعلني أشعر بأنني عبء ثقيل على أختي وزوجها حيث تطر لغسل ملابس وتنظيف جسدي في اليوم مرتين او ثلاث مرات على الأقل.
أيضا تعاني أجل توفير لي بعض الطعام بسبب غلاء أسعاره وعدم توفر المال الكافي لشرائه مما يدفني لتناول الزعتر والدقة كفطور وغداء وأحينا عشاء.
ومع عدم وجود كرسي متحرك فأنا مقيدة لا أستطيع الخروج من مكاني لذلك أبقى وحيدة أغلب الوقت.
ينتابني الحزن ويؤلمني ما أمر به ويؤلمني أيضا غياب أمي وأختي وأبي وأحاول أن أبقى على تواصل معهم للاطمئنان عليهم\ن صعب جدا الفراق والبعد عنهم\ن فانا أتألم كثير كم أتمنى أن تنتهي هذه الحرب وأن نعود الى بيتنا وغرفتي الدافئة مع جميع افراد اسرتي، نأكل ونتحدث معا ونلعب معا ونفرح معا.
ندى النازحة من غزة المنكوبة
Leave a Reply
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.