نساء البرلمان اللبناني الجديد.. الأولوية للتغيير

انطلاق عجلة التغيير

تاريخياً تعتبر مشاركة اللبنانيات في الحياة النيابية خجولة، حيث حصدن ثلاث مقاعد فقط في دورات الأعوام 1992 و1996 و2000، وبحسب أرقام الاتحاد البرلماني الدولي، يحتل لبنان المرتبة 18 بين الدول العربية لناحية عدد النساء في المجالس النيابية.
كُتب للباحثة في مجال البيئة، الدكتورة نجاة عون صليبا، الفوز بعد ترشحها عن المقعد الماروني في دائرة الشوف عاليه على لائحة “توحدنا للتغيير”، وقد وصفت نتائج الانتخابات بالـ “عظيمة”، مؤكدة لموقع “الحرة” أنها لم تكن تتوقع أن تحصد قوى التغيير هذا العدد من المقاعد، ومع ذلك هي غير راضية عن وصول عدد قليل من النساء إلى الندوة البرلمانية، وتقول “كان يفترض أن يكون عددنا أكبر، نحن لا نشكل سوى نسبة قليلة في البرلمان وهذا غير مقبول، هناك مرشحات يمتلكن كل المؤهلات لكن لم يحالفهن الحظ، وكنساء نحتاج إلى دعم أكبر بكثير”.
وعون مديرة مركز حماية الطبيعة في الجامعة الأميركية، حائزة على جائزة “لوريال-اليونسكو” للمرأة في العلوم لعام 2019، وعلى وسام الأرز الوطني في ذات السنة، درست في الجامعة اللبنانية وحازت على درجة البكالوريوس، لتنتقل بعدها إلى الولايات المتحدة لاستكمال دراساتها العليا حيث حازت على درجة الماجستير من جامعة ولاية كاليفورنيا، وأكملت دراسة الدكتوراه في جامعة جنوب كاليفورنيا، وعملت كباحثة في هذه الجامعة.
أهم القوانين التي يجب العمل عليها بحسب ما تراه عون، هو “قانون الأحوال الشخصية الموحد، وحماية المرأة من العنف الأسري وقانون منح المرأة اللبنانية الجنسية لأبنائها”، مضيفة “في ظل الانهيار الذي يمر به لبنان يجب التركيز كذلك على الجانبين الصحي والتربوي وعلى سلامة الغذاء”.
ترفض عون تشكيك الطبقة السياسية بقدرة قوى التغيير، لافتة إلى أنه “سبق أن شككت بقدرتنا على تنظيم صفوفنا، ثم بتصديق اللبنانيين لنا، والآن تشكك بقدرتنا على تنفيذ ما وعدنا به، لهذه الطبقة أقول كما خضنا الانتخابات بأقل الموارد ونجحنا، وكما صدقنا اللبنانيون، نحن سنبدأ العمل، لكن ماذا قدمت هذه السلطة للبنان غير الخراب”.
وختمت مشددة على أن “عجلة التغيير انطلقت، لا عودة إلى الوراء، ومن جانبي أعد اللبنانيين بأنني سأكرس وقتي وطاقاتي لتنفيذ ما وعدتهم به في برنامجي”.
بعد مسيرة من النضال، نجحت سينتيا زرازير بحجز مقعد نيابي، هي التي لعبت دوراً أساسياً في تنظيم التحركات الطالبية في المدارس والجامعات إبان فترة “الاحتلال السوري”، وأسست نادي حقوق الإنسان في جامعة الـ AUT وكانت القضية الأساس قضية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية ومفقودي الحرب، وفي ثورة 17 تشرين تواجدت منذ البداية إلى جانب الثوار.
هدف التغيير دفع سنتيا إلى الترشح للانتخابات النيابية عن مقعد الأقليات في بيروت الأولى على لائحة “لوطني”، حيث وجدت في اجراء الانتخابات كما قالت لموقع “الحرة” فرصة للوصول إلى المجلس النيابي لتحقيق برامج سياسية وانمائية تخدم البلد، وشددت “نحن الدم الجديد الذي يحتاجه لبنان بعد أن جرّبنا كل الطبقة الحاكمة”.
سينتيا اختصاصية في مجال المرئي والمسموع، ساهمت في إعداد وإنتاج عدة برامج اجتماعية تربوية على شاشة SAT7، وهي عضو في مجموعة “لبنان عن جديد ReLebanon”، وقفت بعد انفجار مرفأ بيروت إلى جانب المتضررين والضحايا وساهمت عبر مجموعة من أصدقائها في لبنان والخارج بترميم عدد من المنازل المتضررة، تقول “أتمنى أن يشجع وصول ثماني نساء إلى البرلمان كل اللبنانيات”.
لن تنتخب سينتيا نبيه بري رئيساً لمجلس النواب، وأول قانون ستعمل من أجل إقراره هو قانون الأحوال الشخصية، كون كما قالت “جميعنا مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، ولكي نتمكن من التعايش والتقدم يجب التوصل إلى قانون موحد للأحوال الشخصية بدل القوانين الدينية، فمن غير المقبول على سبيل المثال ان تحرم أم من حضانة طفلها”.
كما تبدي اهتمامها بملفات اقتصادية عدة على رأسها التدقيق الجنائي وملف استعادة الاموال المنهوبة، وتلفت إلى أن “الوضع الاقتصادي انعكس على الوضع الصحي، حيث هاجر عدد كبير من الأطباء لبنان بسبب ما آلت إليه الأمور”.
وختمت سينتيا متوجهة إلى المرأة اللبنانية بالقول “واجهي وتحدي، باستطاعتك القيام بإنجازات أكثر من أي رجل، فأنت من تربين الأجيال، أنت من تعرفين أين تكمن مصلحة لبنان ومصلحة أبنائك، باختصار أنت من مكانه في البرلمان”.

المواجهة مستمرة

المرشحة الثالثة من قوى التغيير التي كتب لها الفوز للمرة الأولى في الانتخابات النيابية هي الدكتورة حليمة القعقور، وقد ترشحت عن المقعد السني في دائرة الشوف – عاليه على لائحة “توحدنا للتغيير”.
القعقور حائزة على دكتوراه في القانون الدولي العام وحقوق الإنسان، وهي أستاذة محاضرة في كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية وباحثة في قضايا التنمية المحلية والحوكمة والمساواة بين الجنسين، ناشطة حقوقية وسياسية ساهمت مع آخرين في تأسيس “تحالف وطني” لخوض انتخابات 2018.
عرفت القعقور في الساحات والندوات مع الناشطين والثوار، وفي عام 2020 طرحت كتاباً يحمل عنوان “مسيرة النساء اللبنانيات إلى الندوة البرلمانية” بدعم من “هيئة الأمم المتحدة للمرأة”، وهو عبارة عن دراسة لتجارب المرشحات في الانتخابات النيابية اللبنانية 2018.
وبعد صدور نتائج الانتخابات كتبت في صفحتها على “فايسبوك” “انتصرت أحلام الشبّان والشابات من أبناء هذا الوطن الحزين، ودقّينا معاً مسامير جديدة في نعش هذا النظام المجرم، من هنا من الشوف، قلتم لا لسياسات الفساد والسرقة والمحاصصة والطائفية والزبائنيَة، أثبتّم أنكم أحراراً”.
وتعهدت بأن تكون المؤتمنة بحقّ على أصوات الناخبين داخل البرلمان، ملتزمة ثوابت “لنا- حزب ديمقراطي اجتماعي”، وبنود برنامجها الانتخابي، ومتعهدة بالعمل الدؤوب في سبيل لبنان الإنسان.
وختمت “لا مكان للفرح الجارف في هذه اللحظات، هذا وقت العمل، سنفرح قليلاً وننهض غداً لخوض المواجهة في سبيل النهوض بلبنان وبالإنسان، فالأيام القادمة صعبة جداً وتحتاج للكثير من النضال المشترك داخل وخارج البرلمان، حتى نحصل على الفوز الحقيقي”.
أما المرشحة الرابعة التي ستدخل المجلس النيابي للمرة الأولى فهي الدكتورة غادة أيوب، التي ترشحت عن المقعد الماروني في جزين على لائحة حزب “القوات اللبنانية”.
أسباب عدة دفعت أيوب للمشاركة في الانتخابات منها كما قالت لموقع “الحرة” “وصول لبنان إلى الانهيار المالي والاقتصادي، ما فرض على أولادنا الهجرة، لذلك كان لا بد من الوقوف في وجه المنظومة الحاكمة وفي وجه كل من يسيطر ويهيمن على مؤسسات الدولة، من هنا كانت صرختي لإيصال الصوت السيادي المغيب عن منطقة صيدا جزين منذ حوالي الـ 32 سنة”.
وفيما إن توقعت فوزها أجابت “بما أني مستقلة مدعومة من القوات اللبنانية علمت من خلال تحالفنا مع المرشح يوسف النقيب أنه بإمكاننا الوصول إلى الحاصل وطمحنا للحاصل والكسر الأعلى أو الحاصلين، ولم تخذلنا النتائج، حيث أظهر اللبنانيون حجم اشمئزازهم من الطبقة الحاكمة”، مؤكدة أنها ستنضم الى كتلة القوات اللبنانية في المجلس النيابي.
أيوب حائزة على دكتوراه دولة في الحقوق من الجامعة اللبنانية، وعلى دبلوم في القانون الدولي النووي من جامعة مونبيلييه في فرنسا، وعلى دبلوم دراسات عليا في القانون العام من الجامعة اللبنانية.
وهي أستاذة مساعدة ومحاضرة في الموازنة العامة والقانون الضريبي وقانون الاجراءات الضريبية والمنازعات الضريبية والمالية والقانون الدولي لحقوق الإنسان في كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية، ورئيسة سابقة لقسم القانون العام في كلية الحقوق والعلوم الإدارية في الجامعة اللبنانية الفرع الثاني.
تشغل أيوب منصب مساعدة المحافظ للمنطقة 2452 في منظمة الروتاري العالمية، وهي رئيسة لجنة التكريم في ذات المنطقة، وقد سبق أن شغلت منصب رئيسة لجنة التربية المدنية لبناء السلام في الروتاري، حيث نظمت وأشرفت على تنفيذ مشروع التربية المدنية لبناء السلام في 9 دول، كما أنها نائبة رئيس جمعية “صيدا إنترناشونال ماراثون”.
أهم القوانين التي يجب العمل عليها بنظر أيوب “إعادة طرح المشروع الذي تقدمت به القوات اللبنانية لاستقلالية القضاء، كون من دون قضاء وعدالة لا دولة، ونحن نهدف إلى إعادة بناء الدولة”.
وفيما إن كانت تتوقع مواجهة في المجلس النيابي بين قوى السلطة من جهة والتغييرين والأحزاب المعارضة من جهة أخرى قالت “الأكثرية اليوم في المجلس للسياديين وإن كانوا من كتل متعددة، سنعمل جميعاً وسيكون لدينا استراتيجية سيادية كي نتمكن سوية من تحقيق أول محطة في معركة المواجهة ضد السلاح غير الشرعي والدويلة الحاكمة”.
وعن النبرة العالية التي توجه بها رئيس كتلة حزب الله محمد رعد، بعد صدور نتائج الانتخابات علّقت “لست في معرض الرد عليه، إلا أنه من الواضح أنه يوحي لبيئته أنه لا يزال باستطاعة حزب الله الوعيد والتهديد، في وقت تشير فيه نتائج الانتخابات إلى أن الفوز لم يكن بالصدفة إنما كان برغبة كبيرة لدى اللبنانيين للتغيير والمواجهة، من هنا يعود السقف العالي الذي تحدث به رعد إلى ادراكه هذا الأمر”.
أيوب توجهت إلى المرأة اللبنانية بالقول “لديك كل الإمكانات لكي تخوضي المعارك سواء الانتخابية أو البلدية، المهم أن تكوني مسلحة بمبادئ وثوابت تخولك النجاح في أي معترك تدخلينه، فأنت قادرة وقد أثبتي نفسك ولست في حاجة لانتظار اقرار الكوتا النسائية”.
وكانت المطالب تركزت في السنوات الماضية على تخصيص كوتا نسائية في المجلس النيابي اللبناني، حيث قدمت جهات عدة مشاريع واقتراحات قوانين لم يسلك أي منها طريقه نحو الاقرار.

استكمال “المسيرة”

وجوه نسائية سياسية معروفة فتحت لها أبواب المجلس النيابي، منها من ستدخله للمرة الأولى ومنها من سبق أن فازت في دورات سابقة، فمرشحة “التيار الوطني الحر” في كسروان ندى بستاني، حجزت لأول مرة مقعداً لها في الندوة البرلمانية، وذلك بعد أن تولت حقيبة وزارة الطاقة في حكومة الرئيس سعد الحريري في العام 2019.
سبق أن شغلت ندى البستاني مركز مستشارة وزير الطاقة والمياه منذ العام 2010 وحتى تعينها وزيرة، وهي حائزة على إجازة في الاقتصاد من جامعة القديس يوسف وشهادة دراسات عليا في الإدارة من الكلية العليا للتجارة في باريس، عملت طيلة أربع سنوات في الاستراتيجيات المالية والعملية لإعادة هيكلة عدد من الشركات الدولية، قبل أن تعود إلى لبنان لتعمل في وزارة الطاقة والمياه على تنسيق تنفيذ ورقة سياسة قطاع الكهرباء في لبنان.
وتمكنت 3 نساء من الاحتفاظ بمقاعدهن في البرلمان، منهن بوليت ياغوبيان أو كما تعرف بولا يعقوبيان حيث ترشحت عن دائرة بيروت الأولى على لائحة “لوطني” وهي لبنانية من أصول أرمنية، سبق أن نجحت في انتخابات 2018 قبل أن تتقدم باستقالتها على أثر جريمة انفجار مرفأ بيروت في 4 آب عام 2020، احتجاجاً على إهمال السلطات المعنية، وتضامناً مع ذوي الضحايا والمتضررين.
يعقوبيان ناشطة اجتماعية وسياسية، أسست في العام 2013 حملة “دفى”، وهي عضو في تحالف وطني منذ العام 2018، وكانت بدأت مسيرتها المهنية إعلامية، حيث عملت مقدمة برامج سياسية في محطات لبنانية وعربية، اختارها البنك الدولي كعضو في فريقه الاستشاري الخارجي للتنوع، وذلك لدفاعها عن حقوق المرأة ومطالبتها بالمساواة الجندرية، وهي من المدافعات عن الكوتا النسائية التي تعتبرها بوابة لانخراط المرأة اللبنانية في الحياة السياسية.
كما عُرفت يعقوبيان كإحدى أبرز المدافعات عن البيئة، وقد حصلت على العديد من الجوائز خلال مسيرتها المهنية، منها وسام ملكي قلدها اياه سفير بلجيكا في لبنان ألكس لينايرتس عام 2017، منحه لها ملك بلجيكا لويس فيليب ليوبولد ماري، تقديراً لمسيرتها في العمل الإعلامي والإنساني والبيئي ولدورها في تمكين المرأة.
ومنذ عام 2005 نجحت ابنة بشري ستريدا طوق في حجز مقعد لها في المجلس النيابي، وهي العضو في الهيئة التنفيذية لحزب القوات اللبنانية، انضمت إلى لقاء قرنة شهوان الذي كان تحت رعاية البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير في أبريل 2001، وفي عام 2005 انضمت إلى تحالف البريستول الذي تحول فيما بعد إلى تحالف 14 آذار، كما أنها عضو في الرابطة المارونية، وهي حائزة على بكالوريوس في العلوم السياسية من الجامعة اللبنانية الأميركية.
وللمرة الثانية نجحت عضو كتلة التنمية والتحرير (التابعة لحركة أمل)، الدكتورة عناية عز الدين، بحجز مقعد لها في المجلس النيابي، بعد ترشحها عن المقعد الشيعي في دائرة الجنوب الثانية، حيث سبق أن تولّت رئاسة لجنة “المرأة والطفل” النيابية في دورة 2018.
سبق أن عينت عز الدين وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية، في حكومة الرئيس سعد الحريري عام 2016، وهي المختصة في الطب المخبري، انتسبت للجامعة الأميركية في بيروت حيث نالت شهادة البكالوريوس في علوم الأحياء ثم تابعت دراستها لتحصل على شهادة دكتوراه في الطب، وبعدها تخصصت في الطب المخبري وعلوم الأمراض (باثولوجيا) حيث نالت شهادتين في هذا المجال من ذات الجامعة، وهي عضو في المكتب السياسي في حركة أمل التي انتسبت لصفوفها في العام 1978.
وبعد صدور نتائج الانتخابات، نشرت رئيسة المجلس الأعلى لمنظمة المرأة العربية كلودين عون صورة تضم نساء برلمان لبنان الثمانية. وكتبت على حسابها عبر تويتر، “مبروك الفوز للسيدات المنتخبات في البرلمان الجديد، ونحن في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية نعتزّ بكن وسنواصل الجهود لكي تضم الندوة البرلمانية في لبنان نساءً ورجالاً كفؤات وكفوئين وحريصات وحريصين على الحفاظ على كيان الوطن وازدهاره وعلى استعادة كرامة المواطنين ورفاهيتهم”.
وأضافت: “سبيلنا إلى ذلك سيكون التعاون معكن لإنصاف النساء وتشجيعهن على خوض المعترك السياسي بالعمل على إصلاح القانون لتخصيصهن مرحلياً بما لا يقل عن ثلث المقاعد النيابية”.

Be the first to comment

Leave a Reply