سحر القواسمة تمردت على واقعها لتصبح قدوة للنساء

نغم كراجة
غزة ـ سحر القواسمة لم تأتي من أسرةً تعطي الفرص للفتيات مثل الذكور وتؤمن بحرية وحقوق الفتاة كالتعليم والسفر، من صغر سنها عاشت التمييز، سعت للدراسة في الخارج بعد تخطي مرحلة الثانوية العامة إلا أنها لم تحظى بمسعاها نتيجة الوضع الاقتصادي الصعب، استمرت بطموحها وعزيمتها وأصرت أن تدرس علم النفس، متحدية جميع الصعوبات التي واجهتها منها عادات المجتمع؛ لتصبح أحلامها حقيقة وقدوةً للنساء.
سحر يوسف القواسمة من مواليد 1975 تقطن من بلدة الخليل، تنوعت في مجالات تعليمها حتى وصلت أعلى درجاته دون كلل وملل، حصلت على شهادة البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية عام 1999 والماجستير في الجندر والتنمية عام 2007، والدكتوراه حول الحركات النسوية في الشرق الأوسط عام 2018، امتازت بالشغف والنشاط وحبها للعمل وبالتحديد في أطر الحركة النسوية الفلسطينية وتمكين النساء الفلسطينيات، وعلى الرغم من أنها أم لثلاث أبناء إلا أنها لم تنفصل عن خدمتها الاجتماعية والإنسانية للمرأة الفلسطينية وحاولت المساواة بين بيتها وعملها.
تقول سحر القواسمة لوكالتنا “رسالتي تبرز قضية الحركة النسوية الفلسطينية ما بين الاحتياجات الاجتماعية وإحداث التحول في المصالح السياسية، تعينت مديرة لمراكز ومؤسسات نسوية ومديرة مشاريع تختص بتمكين النساء للمؤسسات النسوية الفلسطينية والمنظمات الدولية، وعملت محاضرة في تدريس مساقات النوع الاجتماعي وقضايا المرأة بشكل عام في جامعة الخليل والقدس المفتوحة”، مضيفة أنها طيلة مسيرتها المهنية كانت تجاربها تتعلق بتمكين النساء ودعمت العديد من الدراسات والكتابات في أطر خدمة النساء ودعمهن.
ترفض سحر القواسمة الصورة النمطية والأدوار التقليدية وأي سياق يدين ويقلل من قيمة النساء، ناضلت من أجل تغيير ذلك، فهي تؤمن بأن الفتاة تستطيع بأحلامها وإيمانها بقدراتها الوصول إلى مرادها، وترى أن الإشكالية الحقيقية للنساء هي الاستسلام عند أول محطة والتنازل، فلابد للمرأة أن تمتلك فن الجدال والنقاش أمام الجميع بلغة منطقية ومهذبة حتى تتمكن من الاقناع، قائلةً “تحتاج المرأة إلى من يوجهها ويرشدها حتى تتمكن من التعامل مع الناس دون أن تسلب حقوقها، وأيضاً للخروج عن الثقافة التقليدية الخاطئة التي تطمس دورها في المجتمع وتنتقص من شأنها”.
عينت سحر القواسمة مدير عام لمؤسسة أدوار للتغيير الاجتماعي عام 2010، وعن ذلك قالت “حتى هذه اللحظة و أن أدير مؤسسة أدوار حيث قدمت من خلالها خدمات متعددة للنساء، واستطعنا أن نجعل من المؤسسة مكان تستطيع المرأة أن تلجأ إليه في طلب احتياجاتها، وتقديم برامج وخدمات متنوعة تساعد في تحسين حياة النساء على الصعيد السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وبالرغم من ضغوطاتي الإدارية والمهنية إلا أنني الأكثر قرباً من النساء كوني استمع إليهن بكل حب وصدر رحب، وذلك ما اتفق عليه الأغلبية من المجتمع” .
هوجمت سحر القواسمة بتهم بأنها تحرض النساء وتطبق الأفكار الغربية، لكنها لم تستسلم أبداً لهذه الانتقادات بل زادتها قوة وعزيمة في استكمال مسيرتها المهنية نحو تمكين النساء وتشجيعهن نحو تطوير قدراتهن واستثمارها، كما أنها فكرت باستمرار بطرق لإيجاد مصادر تمويل لمساعدة عدد كبير من النساء وتنفيذ مشاريع عديدة لإتاحة فرص عمل لهن، وتعمل جاهدة بطاقةٍ وسعي للوصول لأكبر عدد ممكن من النساء ودعمهن على جميع الأصعدة وفي كافة مناحي الحياة.
أحدثت سحر القواسمة تأثيراً عظيماً على واقع النساء من ناحية العمل النسوي والحقوقي والذي لفتت من خلاله المجتمع الفلسطيني بكافة مكوناته ومؤسساته له، وشكلت حالة نموذجية في أطر الحركة النسوية في فلسطين، وبناءً على ذلك تم اختيار مؤسسة أدوار ضمن وفد فلسطيني من قبل الكتّاب والمثقفين، والقامات الرفيعة وكرمت سحر القواسمي مؤخراً على مقربة من ضفاف النيل في القاهرة خلال حفل نظمته مؤسسة سيدة الأرض من قبل الفنان المصري الكبير محمد صبحي ورئيس مجلس إدارة المؤسسة الدكتور كمال الحسيني تقديراً لجهودها المبذولة وعطائها لإبراز قضايا النساء وتحريرها من العنف وجميع أشكال التمييز والظلم الواقع عليها.

Be the first to comment

Leave a Reply